خش كده شويه
.. يتميز بـ لونه .. أحد المبانى التى تستقر عليها عينك من على كوبرى مايو القصير المكير .. بالرغم من ذلك تكاد لا تدركه وأنت تمر بجواره .. ظل هنا فى مكانه وحيدا لزمن طويل .. ينظر للشرق يعاشر الروقان ويغمز لصبايا حى بولاق .. أصبح اليوم ” مزنوقا ” تتحرش به البنايات و تكاد إحداهن أن تقول له « خش كده شويه » .. لولا الكلب البوليسى الذى ” يطوف شمّاً ” حول السيارات عند مدخله لما انتبهت أنك بجوار « قصر الجزيرة » فندق الماريوت حاليا « لعنة الله عليه من فندق » ..
منذ زمن الفخر و « القصر » يجلس هنا على طرف الجزيرة ويدلدل قدميه فى ماء النيل ..
ترسم الشمس من ظلاله « لقطة نادرة » لأحد بشوات المحروسة فى عز شبابه .. على رأسه المرفوع استراح الطربوش مطمئنا وتحت أنفه العزيز يتربع الشنب المبروم ..
قصر الجزيرة كان هنا قبل الجميع .. نادى الجزيرة نفسه ليس إلا من « بواقى » حدائقه ..
كان يدخن « البايب » و ينظر من فوق كتفه اليسرى بلا اعتناء إلى المهندسين الذين استقدمهم الخديوى من أوروبا لتخطيط حى صغير تحت إبطه اسمه « الزمالك » .. هو الآن يدخن ” الكيلوباترا بوكس ” ويشرب الشاى فى كوباية بلاستك .. و يسب ويعلن فى سره طول الوقت ..
كلما عبرت بابه الفاخر كنت أرفع يدى بالتحية و أتصعب على حاله معتبرا .. وأردد « سلام عليك يا ابن العز من ابن الفقر .. هل انت بخير ؟ » ..
و أحس دوما أنه ربما يود أن يطبطب على كتفى ويقول « ادخل وانت ساكت وحيات امك » ..