عمرو عيسى

يكتب

يؤلف

يروى

يقود الجولة

عمرو عيسى

يكتب

يؤلف

يروى

يقود الجولة

قصقوصة

عصام أخينا

عصام أخينا

عادة ما يهب الناس لمساعدة الكفيف لكى يعبر الطريق .. أو لمجرد وقوفه هكذا فى الطريق وحيدا .. لكن « أخينا » كان يقف لفترة طويلة ينادى على كل من يسمع خطواتهم بجواره « يا استاذ .. يا كابتن .. يا أخينا » ولم يكن يجيبه احد .. إلا من غريب مار لا يعرف من هو « عصام أخينا » .

ذلك انه بمجرد أن كلبشك أخينا من ذراعك فسوف يمرمط ميتين أهلك فى كل الشوارع دون أن يذهب إلى أى مكان .. لقد أصبحت انت فريسته فى تلك العصرية وانتهى الأمر « معاك سجاير ؟ هات سجارة .. بتعرف تولع ولا هتحرقنى ؟ » عصام مستفز إلى اقصى درجة « احنا فى شارع ايه ؟ .. شارع كذا .. طب خوش بينا شمال » .. عصام لم يكن هاربا من أى مستشفى فى الحى .. بل هو من سكانه .. لذلك فهو دائما نظيف البنطلون والقميص .. وعصام لم يكن مجنونا .. لكنه لم يكن عاقلا ابدا .. ربما نستطيع أن نقول أنه كان يهوى الجنون .

.. « انت يا أخينا .. انت ممشينى تحت أشعة الشمس ليه ؟ » ..حتى الشمس كان يحلو لها أن تبعث برخامتها على عصام .. فتبحث أنت فى الشارع عن نقطة ظل واحدة تمشيه فيها فلا تجد فسفوسة .. انت تريده فقط ان يسكت .. لقد سطلك برغيه و أسئلته الممطوطة .. « انت منين ؟ تعرف فلان ؟ أومال انت كنت رايح فين . ؟ ..» فتسأله انت « هو حضرتك اللى رايح فين ؟ » فيرد « رايح عند اختى .. أحتسى الشاى » .. تحتسى الشاى ؟ و اشعة اشمس ؟ . ايه الفصاحة دى .. هو حضرتك بتشتغل ايه .. « انا فرعونى لا أعمل » .. بتشتغل فى القرية الفرعونية يعنى ؟ ولا بتعمل بلاط فرعونى ؟ .. بلاط ايه يا اخينا انته ..

الحقيقة أن عصام قد استلطفك وبدأ يداعبك .. وسوف تتأكد من ذلك عندما تلتفت إليه وتجد أن ابتسامة غالية تتمدد على وجهه الرصين .. والقصة وما فيها أن السيد عصام سميع قديم للإذاعة وخصوصا المسلسلات التاريخية يتابعها بشغف .. وحينما انتقلت أذنه إلى التلفزيون صار ينقب وراء تلك المسلسلات التاريخية ويتعقبها .. ففى اللغة العربية الفصيحة سر يجعلها تنير الخيال وتصف المستور .. فتكتفى بصورها البلاغية عن أى صور أخرى .. لذلك هو أحبها .. ولقد تركت على لسان السيد عصام بعضا من آثارها فى حديثه ..

فى الليل لا تنتهى مغامرات أخينا .. أصيع من الشياطين هو .. يحب الهزار .. يحب نوعا معينا منه .. الهزار الثقيل .. هزار المجناين .. فمن بلاكونته التى تعلو الأرض بخمسة سنتيمرات .. حيث هى فى الأصل شباك لدور أرضى .. يطل منها عصام على الشارع مرة اخرى فى الليل .. ” انت يا أستاذ .. يا كابتن .. معاك كبريت ؟ » .. ايوة اتفضل .. « لامؤخذه أنا ما بشوفش .. بعد إذنك تدينى سيجارتك أولع منها .. متشكر اوى معلش أشكرك » .. فتشعل أنت سيجارة مخصوصة له لكى يشعل هو منها سيجارته الغير موجودة أصلا .. فيأخد منك السيجارة ويدخل .. وانتهى الأمر .. فتقف مبهوتا لوقت قصير ثم تستدير وتنصرف وتضحك بعيدا .

انت يا أستاذ .. يا كابتن .. انت يا أخيناااا ..
أنا سامع صوتك ياض يا مصطفى .. رد يا إبن الكلاب ..

Related Posts
Write a comment